المجلس العالمي لشيوخ الإقراء

ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر وسائل التقنية الحديثة
28 جمادى الأولى 1443

ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر وسائل التقنية الحديثة

ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر وسائل التقنية الحديثة

مـقـدمـة :

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فنعلم جميعاً أننا نعيش في مجتمع عالميٍّ سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية، أهمها التطور التقني والانفجار المعرفي، والانفتاح على العالم من خلال شبكات الحاسبات والإنترنت، وهذا بدوره يتطلب منا وضع الخطط والضوابط لتوظيف هذه التِّقنيات المعاصرة في خدمة تعليم القرآن الكريم وتعلُّمه، واستحداث الطرق والوسائل التي تَمـُدُّنا بآفاق واسعة ومتقدمة تساعد طلابنا على إثراء معلوماتهم وتنمية مهاراتهم ، وتقويم نتائج التعلُّم على نَحوٍ فعَّالٍ.

 ويقصد بالتعليم الإلكتروني:طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة ، ورسومات ، وآليات بحث ، ومكتبات إلكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواءً كان عن بُعد أو في الفصل الدراسي.

وباختصار هو: استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة. ومن مجالات التعليم الإلكتروني الموجودة على شبكة الإنترنت ما يسمى بالإقراء الإلكتروني.

مفهوم الإقراء الإلكتروني وأهميته.

   هو عملية تعليم القرآن الكريم عبر وسيط إلكتروني (تقنيات الاتصال بشبكة الإنترنت أو ما يقوم مقامها)، وتشمل عملية التعليم تصحيح التلاوة وشرح الأحكام التجويدية ودراسة المنظومات في علم التجويد والقراءات كالجزرية والشاطبية وغيرهما.

  ويُعَدُّ الإقراء الإلكتروني من التقنيات الحديثة والمفيدة في تعليم القرآن الكريم بصورة صحيحة لفئات كثيرة من المسلمين قد يصعب الوصول إليهم لتعليمهم مثل الدول الأوربية والأمريكيتين، ولا يوجد في بلادهم أساتذة مؤهَّلون يقومون بالتعليم القرآني وإن وجد الأساتذة فعددهم لا يكفي وذلك لدخول كثير من الناس في الإسلام، والحمد لله تعالى.

  الإقراء الإلكتروني يتيح فرصة تعلُّم القرآن الكريم وحِفْظِه وتجويده لكثير من الناس الذين لا يستطيعون الالتحاق بالحلقات القرآنية في المساجد ودور التحفيظ لتعدد المشاغل وصعوبة التنقل ، وبهذه الوسيلة يتمكَّنون من التعلم في منازلهم وفي أوقات فراغهم. وكذلك بالنسبة للنساء وربَّات البيوت فبإمكانهن الاستفادة من المقارئ والمدارس الإلكترونية على شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى الخروج من بيوتهن.

شروط إقراء القرآن الكريم :

     إننا نعيش – بفضل الله – ما نستطيع أن نسميه ( العصر الذهبي للقرآن الكريم ) فنحن نرى إقبال الأمة على كتاب ربها في شتى بلاد المسلمين عنايةً بتلاوته وحِفظه من الكبار والصغار.

    وفي غمرة هذه العودة إلى القرآن العظيم تصدَّر لإقراء القرآن من ليسوا أهلاً لذلك بسبب ضعفهم في التلَقِّي المنطوق أو بعض التلَقِّي المكتوب.

      لذا كان لزاماً على المتصدِّرين لإقراء القرآن الكريم الاتصاف بأوصاف لا غِنَى عنها حال إقرائهم لكتاب الله تعالى ، والتي يمكن أن نسميها بشروط الإقراء ، وهي:

  1. الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وهو أول وأهم شرط في الإقراء وفي غيره من الأعمال ، إذ إن إقراء القرآن الكريم وتعليمه عبادةٌ لله تعالى يُشترط لها إخلاص النية له سبحانه وتعالى.
  2. أن يتلقَّى القرآن الكريم من أفواه المشايخ المتقنين المسندين، وهذا هو السبيل الأوحد لإتقان تلاوة القرآن الكريم.
  3. أن يكون أمينًا في النقل، فلا يُقرِئُ إلا بما قرأَ، ولا يُقدِّم رأْيَه، أو وجهَ إعرابٍ أو لُغةٍ على الرواية.
  4. أن يكون عارفًا بأحكام التجويد والوقف والابتداء ، ويُفضَّل له أن يكون مُطَّلعاً على علم رسم المصحف وضبطه، وعلم عدِّ الآي.
  5. أن يكون ضابطًا: أي حافظًا لكتابٍ شاملٍ لما يُقرِئُ به من القراءات أصولاً وفرشًا ، ويدخل في ضبط المقرئ أيضاً معرفته وتحصيله لقَدْرٍ لا بأس به من العلوم الشرعية والعربية.
  6. أن يكون خاليًا من أسباب الفسق ومُسقطات المروءة ، وأسباب الفسق هي المجاهرة بارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر.

   يقول الإمام مكيُّ بنُ أبي طالب القيسيُّ: "يجب على طالبِ القرآن أن يتخيَّر لقراءته ونَقلِه وضَبطه أهل الدِّيانة والصِّيانة والفَهم في علوم القرآن والنَّفاذِ في علم العربية والتجويد بحكاية ألفاظِ القرآن وصِحَّة النقل عن الأئمة المشهورين بالعلم ، فإذا اجتمع للمقرئ صحَّة الدِّين ، والسَّلامة في النقل والفَهم في علوم القرآن، والنفاذ في علوم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن كَمُلَت حالُه ووجبت إمامته.

أركان التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية:

 يقوم التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية على أربعة أركان ، هي :

  1. المُعلِّم (المُقرِئ):هو الذي تلَقَّى قراءة القرآن الكريم بإحدى رواياته المتواترة وأُجيزَ بالإقراء والتعليم.
  2. المُتعلِّم (الطالب): هو الذي يتلقَّى القرآن من مُعلِّمه من خلال وسيطٍ إلكتروني، وينبغي للطالب الدارس في المقرأة الإلكترونية أن تتوفر فيه شروط أهمها :
  • المعرفة الجيدة باستخدام الحاسب الآلي ، وطريقة الاتصال بشبكة الإنترنت.
  • الإلمام بكيفية الدخول إلى غرفة الإقراء في المقرأة الإلكترونية.
  • تسجيل مواعيد شرح الدروس النظرية في التجويد ، والقراءة في المقرأة الإلكترونية.
  • كثرة تكرار ما سمعه من المعلم على الوجه الصحيح ، وحبذا لو يقوم المتعلم بتسجيل تعديلات أستاذه له ليتمكن من الرجوع إليها ومراجعتها.

     المنهاج:

   ويُقصد به ما يتِمُّ دراسته في المقرأة الإلكترونية من علوم ، ومنها :

  • القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً وتجويدًا.
  • دراسة وقراءة الروايات القرآنية المشهورة.
  • دراسة شرح المتون العلمية في التجويد والقراءات كالجزرية والشاطبية.

     بيئة الإقراء: وتتكون من:

التجهيزات المادية :

  • جهاز حاسوب مُجهَّز بالتوصيلات اللازمة لدى المعلم والمتعلم، أو الهواتف الذكية.
  • الاتصال بشبكة الإنترنت بسرعة مناسبة لنقل الصوت والصورة معًا أو الصوت فقط بشكل واضح ومطابق للواقع.

 التجهيزات البرمجية.

  • وجود برنامج الاتصال الصوتي والمرئي المباشر ، والتأكُّد من عمله قبل موعد الإقراء.

 

ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر وسائل التقنية الحديثة

 

أولاً :ضوابط بيئة الإقراء (وسيلة الاتصال):

  1. أنْ يكون الصوت على درجة عالية من الوضوح، بحيث يَسمع الشيخُ صفةَ الهمسِ والرخاوةِ والتفخيمِ والترقيقِ، والتسهيلِ والرَّوْمِ والنَّبْرِ والغُنةِ في أحكامِها المُختلفة، مع قُدرةِ الدارس على استيعاب الملاحظات مِن الشيخ في هذه الدقائق وغيرها.
  2. في حال الاتصال المَرئيِّ يجِبُ أنْ يَتزامَنَ ويَتطابَقَ نُطقُ الحروفِ والكلماتِ مع شَكْلِ الشفَتَينِ قِراءةً ووَقْفًا.
  3. أنْ تَكون سُرعةُ الاتصال بشبكة الإنترنت عالِيةً تَسمَحُ بسماع  الملاحظات مُباشَرةً عند حُصولِها، وليسَ بعدَ أنْ يَكونَ الدارسُ قد تَجاوَزَ مَحِلَّ المُلاحَظةِ إلى غيرِها.
  4. عندما يتغيّر الصوْتُ أو يتقطّعُ بسبب وَسيلةِ نَقْلِ الصوْتِ أو يَتَضَخَّمُ أو يَتَباطَأُ أو يَنقَطعُ جزْءٌ مِن الآيةِ ؛ فعَلَى الشيخِ أن يطلب مِن الدارسِ إعادةَ المَقْطَعِ مرّةً أُخرَى.
  5. إذا لمْ يستطعِ الدارسُ تمْيِيزَ ملاحظة الشيخِ مع تَكرارِ نُطْقِها وشَرحِها مِن قِبَلِ الشيخِ ، وعدم قُدرةِ الدارسِ على نُطقِها بِشَكلٍ صحيحٍ وكان ذلك بسببِ الوسيلةِ الصوْتيةِ ، في هذه الحالةِ تؤجَّل إلى الجلسة التالية عندما تكون وسيلة الاتصال أكثر جودة.

ثانياً: ضوابط تصحيح التلاوة (الفردي والجماعي).

  1. يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم ، ويُفضَّل أن يكون حافظاً.
  2. أن يكون لدى المعلم القدرة على تقويم تلاوة المتعلِّم وتحديد الخطأ وإيصاله بشكل يَفهمُه، ومن ثَمَّ تسجيل الملاحظات على تلاوته لإرسالها للمتعلِّم بعد التلاوة.
  3. أن يراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة ، ومعرفتهم باللغة العربية.

ثالثاً : ضوابط شرح قواعد علم التجويد  ( أو الجزرية ، أو التحفة ).

  1. يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم ، ويُفضَّل أن يكون حافظًا.
  2. أن يكون المعلِّم ذا دراية تامة بأحكام التجويد، ويُفضَّل أن يكون حاصلاً على سندٍ بإحدى منظومات علم التجويد.
  3. أن يكون لدى المعلِّم المهارات اللازمة للتعليم وإيصال المعلومة للمتلقي.
  4. أن تكون لدى المعلم القدرة على تقييم تلاوة المتعلم وتحديد الخطأ وإيصاله بشكل يَفهمُه ، ومِنْ ثَمَّ تسجيل الملاحظات على تلاوته لإرسالها للمتعلم بعد التلاوة.
  5. أن يُراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة ، ومعرفتهم باللغة العربية.

ضوابط الإجازة القرآنية عبر وسائل التعليم عن بُـعد

رابعاً: ضوابط الإقراء برواية واحدة.

  1.  أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة قرآنية بالرواية التي يقرئها بسند متصل إلى رسول الله e.
  2. التأكُّد من أن الطالب قد حَفِظَ القرآنَ الكريمَ حِفظًا كاملًا مُتقَنًا.
  3. أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة «المقدِّمة الجزريَّة» - أو ما يعادلها من منظومات هذا العلم- فاهمًا لمعانيها.
  4. أنْ يتأكَّدَ الشيخُ المُجيزُ أنَّ هذا الدارسَ هو الذي أَكمَلَ معه الختمةَ في مَجالِسِها المختلفةِ، وذلك في حالات عدم وُجود رؤيةٍ مُباشِرةٍ بين الطرفَينِ.
  5. أن يقرأ الطالب على مُعلِّمه القرآن الكريم بإحدى الروايات كاملاً غيباً عبر المقرأة الإلكترونية إلا مقدارًا لا يقل عن جزءٍ واحدٍ من القرآن فلا بدَّ فيه من القراءة المباشرة باللقيا بين المعلم والمتعلم.
  6.  أن يختبر الشيخُ الطالبَ عند اللقيا بالقرآن الكريم كله للتأكد من متانة حفظه.

ويضاف إلى ذلك أن يُعيدَ المتعلم أمام مُعلِّمه بعض الأوجه الأدائية التي فيها من الدقائق ما يحتاج إلى ضبطٍ أكثر لنَدرة وروده في القرآن الكريم كتسهيل الهمزات وإمالة الألفات والتفخيم والترقيق في (فِرْقٍ) والرَّوم والإشمام.. الخ.    

خامساً: ضوابط الإقراء بالإجازة بالقراءات (السبع ، أو العشر).

  1. أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة بالقراءات السبع أو العشر بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  2. أن يكون الطالب حاصلاً على إجازة برواية واحدة على الأقل بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  3. أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة الشاطبية بالنسبة للقراءات السبع ولمنظومة الدرة بالنسبة للقراءات المتممة للعشر أوكليهما معًا بالنسبة للقراءات العشر الصغرى ، عالِماً بمعانيها.
  4.  أن يقرأَ الطالب على معلِّمه القرآن الكريم كاملًا  غيباً بإفراد القراءات أو جَمعها بالطرق المعروفة، إلا مقدارًا لا يَقِلُّ عن جزءٍ واحدٍ من القرآن فلا بدَّ فيه من القراءة المباشرة باللقيا بين المعلِّم والمتعلم.

ضوابط إقراء النساء :

  1. يُفضَّل للدارسات عبر التعليم عن بُعد أن يقرأْنَ على أستاذات متقنات، فهذا أفضل للجميع.
  2. في حالة تعذُّر التواصل مع معلِّمة والحاجة إلى الدراسة على مُعلمٍ فيُكتفَى بالصوت دون الصورة.
  3.  لا بد من موافقة ولي الأمر ، أبًا كان أو أخًا أو زوجًا.
  4. يُشترط ألا تكون المتعلِّمة منفردة.
  5. على المتعلمة أن تراقبَ الله عزَّ وجل في تلاوتها على المعلم الأجنبي عنها ، وتكون تلاوتها منضبطة بقوله تعالى: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَولِ } وإذا سأَلَتْ سؤالاً علميًا فيكون سؤالها منضبطاً بقوله تعالى: {وَقُلْنَ قَولاً مَعْروفًا}. 

ضوابط مشتركة للإقراء عن بُعد :

  1.  أن يكون المعلِّم ذا علمٍ شرعيٍّ جيدٍ يُؤهِّله للتَّحاور والمناقشة إِنْ لزم الأمر.
  2.  أن يكون لدى المعلِّم الاستعداد النفسي للتعليم والصبر على المتعلمين.
  3.  معرفة استخدام الحاسب الآلي والتعامل مع برامجه.
  4.  المعرفة بالمهارات الأساسية للتعامل مع برامج الاتصال الصوتي والمرئي الخاصة بالإقراء عن بُعد.
  5.  عدم الخروج عن التلاوة أو ما يتعلق بها من أحكام إلى أحاديث جانبية أخرى في أي موضوع من الموضوعات.

تم اعتماد هذه الضوابط لإقراء القرآن الكريم عبر وسائل التقنية الحديثة من قِبل أعضاء المجلس العالمي لشيوخ الإقراء في اجتماع المجلس الثالث الذي عُقد في مكة المكرمة 25/رمضان/1440هـ  الموافق 30/مايو/2019م برئاسة معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى رئيس المجلس والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي